الجمعة، 18 مارس 2011

سورية تأسيس بنية تحتية لأبحاث الخلايا الجذعية مبادرة عربية


دمشق: يشهد العالم حالياً سباقاً محموماً في مجال أبحاث الخلايا الجذعية لما تحمله هذه الخلايا من أمل في شفاء العديد من الأمراض، حيث يعتمد مبدأ المعالجة على استبدال خلايا الجسم المتضررة بخلايا سليمة قادرة على القيام بالدور الفيزيولوجي الطبيعي.
وغالباً ما تتصدر نتائج أبحاث الخلايا الجذعية وخاصة الخلايا الجنينية منها صفحات الإعلام ليس نتيجة الأمل بالتوصل لشفاء مرضٍ مستعص وحسب وإنما بسبب الجدل الذي يثيره مصدر هذه الخلايا ومدى أخلاقية إتلاف أجنة بشرية وحفظها حتى لو كانت هذه الأجنة غير مقدّر لها أن تتطور إلى كائنٍ حي.
وتتميز الخلايا الجذعية عن المجموع الأكبر من خلايا الجسم بأنها خلايا غير متمايزة إلا أن لديها مقدرة على التجدد الذاتي إضافة لإمكانية تمايزها إلى العديد من أنواع الخلايا تبعاً لمصدر ودرجة تطور هذه الخلايا.
وتقوم الهيئة العامة للتقانة الحيوية التابعة لوزارة التعليم العالي بالتعاون مع باحثين من كليتي الصيدلة والعلوم الطبيعية في جامعة دمشق بتأسيس البنية التحتية لأبحاث الخلايا الجذعية، وهو ما يعدُّ بداية طموحة لهذه الأبحاث الهادفة إلى التحضير للتطبيقات السريرية المأمولة لهذه الخلايا في الغد غير البعيد في سورية.
وحول هذه الأبحاث قال الدكتور مجد الجمالي الباحث في الهيئة العامة للتقانة الحيوية والباحث سابقاً في مجال المعالجة الجينية في مشفى فيلادلفيا للأطفال بالولايات المتحدة الأمريكية "إن أبحاث الخلايا الجذعية في الهيئة تتركز على ثلاثة محاور مستقبلية".
المحور الأول:
وأضاف الجمالي "يعنى المحور الأول بدراسة زرع وتمايز الخلايا الجذعية المحضرة من دم الحبل السري ومقارنتها مع تلك المحضرة من نقي العظام بهدف استخدام هذه الخلايا لاحقاً في الطب التجديدي، مشيرا إلى قيام العديد من بنوك الخلايا الجذعية في العالم بتخزين عينات من دم الحبل السري بعد ولادة الطفل مباشرة لتستخدم لاحقا حين الضرورة بحال تعرض هذا الطفل فيما بعد إلى حادث او مرض ما، وفي هذه الحالة يكون الحل الوحيد لتعويض الخلايا المتضررة لديه هو حقن الخلايا الجذعية نفسها التي تم تخزينها سابقا لتعود وتتمايز إلى خلايا تستبدل الخلايا التالفة بأخرى سليمة".
ولفت إلى حالات أذيات القلب التي يتبعها تموت في خلايا العضلة القلبية حيث يتم تعويضها ايضا بحقن الخلايا الجذعية التي تسكن في المكان التالف من عضلة القلب وتتكاثر لتعوض الخلايا المتضررة بخلايا حية تعيد النشاط الفيزيولوجي الطبيعي لعضلة القلب.
وضمن هذا المحور أشار إلى أنه سيتم التعاون مع مركز نقل نقي العظام في مشفى تشرين العسكري حيث يجري حالياً نقل خلايا جذعية ذاتية المنشأ إلى مجموعة من مرضى ابيضاضات الدم، مشيرا إلى أن جهوداً حثيثة تجري حالياً في وزارة التعليم العالي لافتتاح مركز لزرع نقي العظام للاطفال يتبع مشفى الأطفال بدمشق.
وبين الجمالي بأن الخلايا الجذعية تختلف بقدرتها على التمايز ويمكن أن تصنف إلى الخلايا الجذعية البالغة، والخلايا الجذعية الجنينية، وهذه الأخيرة تؤخذ من الجنين المكوّن بعد انقسامات قليلة للبيضة الملقحة إثر القيام بما يعرف بالتلقيح الصناعي وهذه الخلايا قادرة على التمايز تقريبا لكل انواع خلايا الجسم.
وأوضح أنه وعلى الرغم من الاستفادة المهمة من الخلايا الجذعية الجنينية إلا أن هذا الامر بالنسبة لنا يثير المسألة الاخلاقية المتعلقة بهذه الخلايا التي لن تستخدم في أبحاثنا في سورية بسبب توفر مصادر الخلايا الجذعية البالغة وخاصة من دم الحبل السري، مؤكداً على ضرورة التقيد بأخلاقيات البحث العلمي في هذا المجال وهو ما سيؤسس للممارسة المنضبطة للخلايا الجذعية في جميع المؤسسات الوطنية، حيث ان إحدى المهام الأساسية لبحث بهذا المستوى هي المساهمة في إرساء الضوابط الاخلاقية التي تنظم التطبيقات المختلفة لهذه الخلايا في سورية، خاصةً وأنه وعلى الرغم من الآمال الكبيرة المعقودة على استخدام الخلايا الجذعية فقد طرِحت حديثاً مسألة مأمونية زرع هذه الخلايا عند المرضى والجدوى الفعلية لذلك مشيراً إلى ندرة قصص النجاح الحقيقية في هذا المجال.
المحور الثاني:
وبيّن باحث الهيئة العامة للتقانة الحيوية بأن المحور الثاني لأبحاث الهيئة سيركز على تشخيص الخلايا الجذعية السرطانية في عينات مرضى ابيضاض الدم أو أورام صلبة بهدف عزل هذه الخلايا ودراسة استجابتها لبروتوكلات دوائية مختلفة.
ومن المأمول أن يتم عزل الخلايا وزراعتها بالمخبر لاستخدامها فيما بعد لتقصي تأثير عدة بروتوكولات دوائية لاختيار البروتوكول الأنسب لمعالجة مرضى السرطان وخاصة ممن لا تستجيب خلاياهم السرطانية للمعالجات الدوائية بسبب المقاومة التي تبديها تلك الخلايا للأدوية الكيماوية لافتاً إلى أن هذه العملية تواجه تحديا تقنيا كبيرا نظراً لندرة الخلايا الجذعية السرطانية في العينات المدروسة.
وسيتم بهذا الخصوص التعاون مع أطباء في مشفى البيروني كونه معنيا بتقديم الرعاية الصحية لمرضى الأورام.
المحور الثالث:
أما بالنسبة للمحور الثالث فبين الجمالي أنه ستتم ضمنه دراسة إمكانية تصحيح الخلل المورثي لخلايا جذعية محضرة من دم مرضى ممن لديهم أمراض وراثية دموية وهو ما يتعلق بالمعالجات الجينية لتدبير امراض كثيرة وراثية كالناعور والتلاسيميا إضافةً إلى الأعواز المناعية الخلقية التي تصيب الأطفال وتؤدي إلى وفاتهم بعد اشهر قليلة من ولادتهم لأن مناعتهم ضعيفة وغير قادرة على صد الانتانات.
وأشار الجمالي إلى أن معدل الامراض الوراثية غالبا ما يكون أعلى في المجتمعات التي يكثر فيها زواج الاقارب وبالتالي فإن تواتر حدوث بعض هذه الامراض الوراثية ربما يكون في سورية أعلى من المعدل العالمي، ما يزيد من أهمية المساهمة في التدبير العلاجي لهذه الحالات محلياً.
وحول تمويل الأبحاث لفت إلى أن تمويلها سيكون من ميزانية البحث العلمي التي توفرها وزارة التعليم العالي سنوياً للهيئة لدعم برامجها البحثية وتأمين كل ما يلزم لتاسيس مخابر بحثية وتأمين كوادر وبناء قدرات بحثية وطنية إضافة إلى منحة داعمة تم الحصول عليها حديثاً من الهيئة العليا للبحث العلمي متعلقة بالمحور الأول المذكور آنفاً.
وأحدثت الهيئة العامة للتقانة الحيوية في عام 2003 بهدف تطوير بحوث التقانات الحيوية وتسريع توطينها إضافة إلى تنسيق الجهود بين المؤسسات المعنية بهذه البحوث وتطبيقاتها في سورية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق